القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الأخبار [LastPost]

سرُّ الوصول والإرتقاء


سرُّ الارتقاء                                                                          

----------------
ومن يرد أن يكون من أصحاب هذا الفضل عليه أن يحرص أن يكون له منهج، ويُطبق هذا المنهج،
وهذا المنهج لا يضعه من نفسه، ولكنه يُقدم مشروعه للرسالة،
وإذا أقر الأستاذ المشروع فإنه يذكر له خطوات تنفيذ المنهج، ويأمره بعرض كلِّ شئٍ عليه،
هنا من الجائز أن يعرضها بالحضور بين يدي الأستاذ، ومن الجائز بعد أن يرتقي أن يكون حاله كله حضور،
وذلك إن ارتقى وأصبحت روحه قريبة من الأستاذ - والروح في عالم النور
وإن وصل إلى ذلك فمن الممكن أن يعرض مناماً على الأستاذ، أو يعرض يقظة عليه إذا تنبه أكثر في أي زمان ومكان
وذلك كما كان يفعل الصالحون والمتقون في كل زمان ومكان.
والذي ليس له منهج يمشي عليه - ويمشي على حسب حظه وهواه – فهو مُحب، والمحب درجة عظيمة،
لكن هذه العطاءات يلزمها خصوصيات:
كم جاهل نال علماً من مجالسهم **** أضحـى حليماً عليماً بالإشارات



أين ذلك في القرآن؟
(آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا)
من أين؟ هل علمناه من الكتب؟ لا، ولكن من العليم عزَّ وجلَّ الذي تجلى على صدره بما يريد:
(وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) (65 - الكهف)
وهل الأستاذ صاحب هذا الفتح يجب أن يكون معروفاً ومشهوراً يشار له بالبنان؟
ليس ذلك بشرط، ولذلك لما وجَّه الله سيدنا موسى إلى الخضر عليه السلام هل كان يعلم مكانه؟
كان لا يعرف، فقد قال الله لسيدنا موسى: عليك أن تمشي إلى أن تجد مسَّ الجوع، عندها تجد هذا الرجل،
وفي هذا المكان، مما يعني أن الرجل لم يكن يعرفه أهل زمانه كلهم،
أما الذي يعرفه الكل فهو صاحب الشريعة، فالعالم الشرعي يعرفه الكل،
فيظهر في التليفزيون وعلى صفحات المجلات والصحف، وذلك لأن الناس تريد الشريعة،أما الرجل العالم بالحقيقة لا تريده إلا القلة القليلة، ولا يوجههم إليه إلا المولى،وهذا ما قال فيه الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
ومن طلبتهـمُ عين العنايـة **** يروك بعين أنـــوار السريرة
والرؤية هنا ليست رؤية ظاهرة، إذ يوصلهم الله للرجل بأنوار باطنة
لأن ذلك طُلبة الأفراد والأبدال، وليس طُلبة العبَّاد ولا الزُهَّاد
وإنما كما قلنا طُلبة صنف معين، وهم أهل الفتح، وأول الفتح كما ذكرنا:
(وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا)(65 - الكهف)
أو إشراقات إلهية من باب قول رب البرية:
(وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ)(282البقرة)
مِن الذي يُعلِّم هنا؟ الله يُعلمه بذاته، كيف؟ لا نستطيع بيان هذا الأمر، ولكن ( ذُق تعرف)فمن أراد أن يعرف عليه أن يدخل من الباب إلى أن يُصبح من الأحباب، ويُفتح له الرحاب، ويخصوه بما خصوا به أولي الألباب،
فينال هذه الهبات ولا يستطيع تفصيلها أو الإشارة إليها إلا للأحباب،
لأن هذا الكلام لا يعقله العقلاء حتى ولو كانوا أعقل العقلاء،
لأن هذا الأمر غيبيُّ من الله،
فمَن الذي يستطيع أن يستوعب كيف يتلقى الإنسان من الله؟!
يستطيع الإنسان المؤهل أن يتذوقها، ولكن لا يستطيع وصفها لغير أهلها
وذلك لأن غير أهلها يريد العلوم من النقل من الكُتب ومن المكتبات وبالسند.

من كتاب شراب أهل الوصل 

reaction:

تعليقات