القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الأخبار [LastPost]

كيف ننتصر على النفس ؟


--------------------------

كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه الكرام
قبل أن يجهز الأسلحة والمعدات والخطط العسكرية والعمليات جهز الخطط للجند داخلياً وخارجياً
لأن السلاح من سيستخدمه؟ الجندي
لو كان الجندي معه أحدث سلاح في العالم وليس في قلبه عقيدة ولا إيمان ولا ثبات على مبدأ
عندما يرى أول شرر من الحرب سيترك السلاح ويفر هارباً!!!
لذلك سيدنا رسول الله بدأ بتجهيز جند الله خارجياً وباطنياً، لأن الله قال لنا:
(إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) (7 - محمد)
كيف ننصره عزَّ وجلَّ؟ وهل الله يخوض معركة حتى ننصره عزَّ وجلَّ ؟!!
وهل يحتاج لنصرنا؟! حاشا وكلا، إذن أين ننصره؟
ننصره في أنفسنا، لأنه أعطانا النفس وأمرنا أمراً صريحاً في كتاب الله بمجاهدة النفس،
أول شيء يجاهده المسلم في دنياه نفسه، ويجاهد الشيطان،
والشيطان أمره بسيط وسهل - لكن المؤمنين جعلوه شماعة يعلقون عليه الأخطاء،
ثم يجاهد بعد ذلك المشركين والكافرين:
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (69- العنكبوت)
كيف يجاهدوا في الله؟ يجاهدوا في النفس
وما النفس؟ وكيف نجاهدها؟
لا بد للمؤمن أن يعرف أن الذي يفوز هو من يقول فيه الله:
(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) (9- الشمس) الذي زكى نفسه
ومن الذي لا يفلح؟ قال:
(وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) (10- الشمس)
الذي ضحكت عليه نفسه وخدعته وسيطرت عليه،
حتى تضلُّه وتبعده عن طاعة الله ومتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولذلك سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا له:
يا رسول الله من أعدى أعدائنا؟
لو سُئلنا نحن هذا السؤال - بعضنا سيقول: اليهود - والبعض الآخر سيقول: الأمريكان
لكن النبي قال:
أَعْدَى عَدُوٍّ لَكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ }
(الزهد الكبير للبيهقي عن ابن عباس)
نفسك التي في داخلك لأنها هي التي تسول لك، وهي التي توسوس لك،
وهي التي تزين لك الشرَّ والضرَّ والحرام، وارتكاب الذنوب والآثام
ومخالفة الملك العلام، ومخالفة الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام
وتأتي لك بحجج واهية حتى تخدعك بهذه الأوهام، وهذه الحيل العظام
وعندما يخرج الإنسان من دنياه ويرى رصيده عند الله يجده لا شيئاً،
فيبحث عن هذه الجرائم المقدمة والمسجلة من الكرام البررة فيجد أنه لم ينتبه إليها،
لأنه لو انتبه لهذه الجرائم في الدنيا لطلب العفو وتاب لله.
لكن معظم هذه الذنوب لا ينتبه لها البعض على أنها ذنوب،
بل إن البعض يتباهى بها أمام الناس ويفاخر بها أمامهم، إلى أن يخرج من الدنيا فيرى هذه الذنوب:
(فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (22- ق)
لكن المؤمن الكيِّس الفطن الذي ينتبه للنفس ..
ولهفواتها وخواطرها وتلميحاتها وإشاراتها حتى ينال ما عند الله
ويدخل في قول الله:
(وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (69- العنكبوت)
يدخل في معية أهل الإحسان الذين أحسنوا العمل مع الله، لأنه جاهد نفسه!!
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هدَّده الروم بأنهم سيرسلون إليه جيشاً
مكون من أربعمائة ألف جندي إلى المدينة ليقبضوا عليه ويأخذوه،
لكنه صلى الله عليه وسلم - كما تعلمون - أن خاتم النبوة الذي على ظهره
في الجهة اليسرى مقابل القلب مكتوب فيه بالشَّعْرِ:
تَوَجَّهْ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّكَ مَنْصُور) توجَّه ومعك نصر الله:
(إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ)
(51- غافر)
وكان وقتها في الصيف، وأنتم تعلمون حرارة الجزيرة العربية،
وكان موسم التمر لم يأت بعد، والتمر عماد الاقتصاد في المدينة المنورة،
فليس معهم تمر يحملونه معهم، وليس معهم مال ليتجهزوا به،
لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جهَّز نفسه وأصرَّ على حربهم لأن الله قال له:
(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ) (159- آل عمران)
وكانت المسافة حوالى سبعمائة كيلومتر
وكان من الأسلحة الإلهية التي ينصر بها الله عزَّ وجلَّ خير البرية سلاح اسمه سلاح الرعب مَن الذي يستخدم هذا السلاح؟
ربُّ العزَّة عزَّ وجلَّ يُنزل الرعب في قلوب المحاربين لرسول الله صلى الله عليه وسلم
من مسافة شهر بينه وبينهم!!!
أي أن الذين بينهم وبين رسول الله مسافة شهر
عندما يعلموا أن رسول الله قادم إليهم ليحاربهم يأتيهم خوف شديد ورعب وهلع
ولا ينامون الليل ولا يهنئون بطعام،
وسلاح الرعب يدمِّر أيَّ قوة عالمية حتى لو كانت أمريكا وغيرها.
فسلَّط الله عزَّ وجلَّ عليهم سلاح الرعب،
فبمجرد أن تحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة خافوا وانفضوا ورجعوا،
فذهب إلى المكان الذي هُمْ فيه في تبوك شمال الجزيرة العربية وشمال الأردن فلم يجدهم،
فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه،
(وهذا بيت القصيد الذي أنا أريده)، فقال لأصحابه:
رَجَعْنَا مِنَ الْجِهَادِ الأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الأَكْبَرِ }
(ذكرَ الْحَدِيثَ فِي الإِحْيَاءِ، وَنَسَبَهُ الْعِرَاقِيُّ إِلَى الْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِر)
وهل هناك جهاد أكبر من جهاد السيف يا رسول الله؟ قال: جهاد النفس،
وبين الأصغر والأكبر هناك الصغير وهناك الكبير،
لم يقل الجهاد الكبير، ولكن قال (الجهاد الأكبر
لأن النفس بداخلك وأنت لا تراها!! وربما لا تدرى بحركاتها ولا وسوستها ولا هواجسها
تضل الإنسان وتخدعه وتخيبه،
وتجعل الإنسان يخرج من الدنيا وقد خسر طاعة الرحمن ومتابعة النبي العدنان فيخيب:
(وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) (10- الشمس) 

منقول من كتاب : شراب أهل الوصل لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبوزيد

-------------------------------
reaction:

تعليقات