ظلم الإنسان لنفسه 
س: يقول الله تعالى : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } ( التوبة: 36 )
كيف يظلم المسلم نفسه في الأشهـــر الحُـــــرُم؟

الأشهر الحُرُم قال فيها صلى الله عليه وسلم عندما قرأ هذه الآية : { إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } :

( الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ) البخاري ومسلم في صحيحيهما .

كيف يظلم الإنسان نفسه؟
وضح هذه الحقيقة كتاب الله، قال تعالى : { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } ( الطلاق: 1 ) .

كل الذي يتعدى الحدود التي رسمها الملك المعبود فقد ظلم نفسه، فالله عز وجل جعل حدوداً للحلال وللحرام وبيَّنها للكل، وقال فيها النبي صلى الله عليه وسلم :{ الْحَلالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ } البخاري ومسلم في صحيحيهما .

ومن شدة توضيح الله لها وضحت لكل الكائنات حتى الحيوانات، فإنها تعرف الحلال والحرام، فإذا كنت تأكل وجاءت قطة وخطفت منك قطعة من اللحم، فإنها تهرب منك لأنها تعرف أنها سارقة، وأن هذا حرام، ولكنك لو أعطيتها بنفسك قطعة من اللحم فإنها تأكلها بجوارك وهي مطمئنة، إذاً القطة تعرف الحلال من الحرام.

كذلك لو عندك بعض الكتاكيت وخطفت قطة أحد هذه الكتاكيت، ورأت صاحب البيت فإنها تهرب سريعاً، لأنها تعرف أنها ارتكبت شيئاً محرماً .

فالحلال بيِّن والحرام بيِّن، والذي سيتعدَّى حدود الحلال ويقع في الحرام فقد ظلم نفسه: { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } ( الطلاق : 1 ) .
حدود الله عزَّ وجلَّ في كتاب الله في كل أمر من الأمور.

فعلى سبيل المثال: عندك من الدنيا كذا من المال، وكذا من الأطيان، وكذا من المنازل والعمارات، وعندك كذا وكذا من الأولاد والبنات،

هل لك حرية في توزيع هذه العطية بنفسك؟ لا، لأن الذي وزَّع هو الله عزَّ وجلَّ ، وأنت ملتزم بتوزيع الله، ولو أشركت نفسك في التوزيع فقد تدخلت فيما لا يعنيك، قال صلى الله عليه وسلم :
( مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ ) رواه الترمذي.

قد تقول هذا مالي، لكن الحاكم هو الله عزَّ وجلَّ ، ولا شأن لك بشيء، أنت تتركها كما هي والتوزيع موجود، وكل ما عليك أن توصيهم بالإلتزام بتنفيذ شرع الله، وإن عجزوا يذهبوا لخبير قرآني يبين لهم طريقة التوزيع، أو عن طريق المحكمة بعمل إعلام وراثة يبين حق كل واحد منهم ويحافظ على الحقوق الشرعية.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

{من كتاب : فتاوى فورية ج4 }
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبو زيد

تعليقات
إرسال تعليق