
الـبُشْـرَى بـرُؤيَــاهُ ﷺ 

يريدون أن يباركوا القلوب بأن يروه ، وهو ﷺ كريمٌ ويقول :" مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ " (1)
" مَنْ رآنِي في المَنَامِ، فَقَدْ رَأَنى حَقَّـاً ؛ فإنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ بِي " (2)
فمستحيل على الشيطان أن يقدر يأخذ صورة رسول الله ويتمثَّل بها ؛ فإذا رأيته في المنام فتيقَّن أنه هو عليه أفضل الصلاة وأتم السلام .
فهم يريدون البشرى من الله لأنه لما يحضر رسول الله لرجل في المنام ؛ فمعناها أنه أصبح رجلاً من الموقنين ، فيبشِّره كما بشَّرأصحابه ، فنحن على يقين أنه بشَّر عشرة من أصحابه بالجنَّة ، وإن كانت الأحاديث الأخرى روت تبشيره لغيرهم .
لكن هل انتهت البشريات عند أهل زمانه ؟.. " لا "بل أنه في كل زمان يبشِّر رجالا من أهل ذاك الزمان ، وكل الفارق بينهم وبين أصحابه أنه بشَّر أصحابه بذاته الشريفة ، وأما هؤلاء فبشَّرهم في المنام ، فيرونه ﷺ ويبشِّرهم ، فمنهم من يبشِّره بالجنة ، ومنهم من يبشِّره بمقعد صدق ، ومنهم من يبشِّره بجنة الفردوس ، وكل على حسب حاله .
فالمؤمنون الذين اصبحوا من المتفوقين في الإيمان ، والتقى ، والغنى ، والعفاف في الدنيا لا ينتظرون النتيجة هناك ، لأن الذي ينتظر النتيجة هناك يكون قد أخطأ في حق نفسه .أما المؤمن الصادق فتأتيه البشرى من هنا ، ومن الذي يستطيع أن يحضر له النتيجة من هناك ليبشِّره بها هنا ؟ (( رسول الله ﷺ ))
لأنه هو الذي اطلع على الألواح ، واطلع على الغيب ، وعرف هذا وذاك ، فعرف الكافر ونهايته ، والمنافق وأسلوب حياته ، والمؤمن ودرجته ، والمحسن ومنزلته ، أطلعه الله على كل هذه الحقائق لماذا ..؟ ليكون كما قال عزوجل في سورة الأحزاب:( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلا كَبِيرًا ) (47)
إذن هو في الدنيا يبشِّر المؤمنين الذين جاهدوا في الدنيا ، والذين حافظوا على إيمانهم ، والذين لم تفتنهم زخارف الحياة ، والذين لم يمشوا على حسب الأهواء والأغراض وحافظوا على شريعة الله ، وأقاموا سنة رسول الله في ظلمات هذه الحياة ، فيأتيهم ويبشرهم ويقول لأحدهم :" أبشر بفضل ورضوان ، وروح وريحان ، وربٍّ راضٍ عنك غير غضبان ".
ويبشِّر كل واحد ببشرى على حسب منزلته ، وعلى حسب درجته ، فلذلك فالاحتفال الحق الذي يحتفل به الإنسان
:( هو بأن يحتفل بنور النُّبوَّة ) 
إذا أتى عظيم من العظماء ليزورك في دارك ، ماذا تفعل ؟؟؟فما بالك إذا حضر عندك سيد العظماء .. ماذا تفعل ؟
وهو لا يشرفك في دارك الكونية ،
بل في دارك المعنوية ( أي قلبك ) ، وقد وجهك إلى ذلك في قوله ﷺ :
" ألا وإِِنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسدُ كلُّه، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ." (3)
فإذا أشرق نور رسول الله ، ونوَّر هذا البيت ..!!هل يظلم بعد ذلك ؟.. أبداً ..!!
أيدخل فيه حيَّـة من حيَّـات الحقد ؟ أو عقرب من عقارب الحسد؟ أو كلب من كلاب الدنيا ؟........... كلا .!.
لأن البيت الذي يدخله رسول الله ...والقلب الذي يشرق فيه نور رسول الله :
لا شك أنه ختم الله عليه بالصفاء ، والنقاء ، والوفاء ، والبهاء ، والضياء ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لأنه صار قلباً نورانياً ، ويكون صاحب هذا القلب متحلِّياً بالحال الذي يقول فيه ﷺ :
( اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )(4)
فينظر بنور الله دائماً .... لأن القلب تحلَّى بنور رسول الله ، فأصبحت هذه العيـون تنظر بنـور الله ، الذي ملأ تجاويف القلب به مولانا رسول الله ﷺ .-----------------------------------------
(1) فى الصحيحين وأبو داود عن أبي هريرة ، والطبراني عن أبي بكر ، والدرامي عن قتادةرضي الله عنه على روايات .
(2) الإمام أحمد والبخاري والترمذى عن أنس ، و مسلم والترمذى و ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه على روايات.
(3) رواه البخارى ، وابن السنى ، وأبو نعيم في الطب ، والبيهقى في شعب الإيمان ، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه .
(4) رواه الترمذي ، والبخاري في تاريخه ، وابن السنى في الطب ، وأبو نعيم في الحلية عن أبي سعيد ، والطبراني في الكبير ، والحكيم الترمذي في النوادر ، والخطيب في تاريخه عن أبي أمامة ، وابن جرير عن ابن عمر.========================

همسات إيمانية من كتاب 

{حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق} 
لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبو زيد 
إمام الجمعية العامة للدعوة الى الله 
========================
تعليقات
إرسال تعليق