تابع : " ظلم المسلم لنفسه في الأشهر الحرم "
لكن لا يجوز لي أن أتدخل في توزيع تركتي على أبنائي، لأن هذا يعتبر تدَخُّل في حدود الله، وأكون بذلك قد ظلمت نفسي: { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ } ( الطلاق:1 ) .
المال مال الله، والصرف لا بد أن يكون على البنود التي نزل بها شرع الله، ولا يجوز لأحد أن يلعب على هذه البنود أبداً، إلا إذا أحضر استثناء من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا الاستثناء موجود إلى يوم القيامة، 
ذهب رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّ هَذَا بِنْتَ رَوَاحَةَ أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : 
{ يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَلا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ } ( البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه ) . وترك صلى الله عليه وسلم الباب - وهو الحكيم الذي علَّمه الله عز وجل علوماً من عنده - وقال:{ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي } ( صحيح مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه ) .
ترك ثغرة في القانون، هذه الثغرة من أجل أصحاب الضرورات، كأن يكون عندي بنت غير موظفة، ولم تتزوج، أو تزوجت ولم توفق، وأخواتها مستقرين في العمل والزواج، 
هذه البنت إلى أين ستذهب فيما بعد؟! هذه البنت يجب أن تخصها بما يُغنيها، حتى لا تحتاج إلى أحد، وليس عليك شيء، لأن هذه خصوصية أباحها خير البرية على البنود القرآنية الإلهية لهذه الظروف الخاصة، ومثلها الولد المريض الذي يحتاج إلى العلاج وربما يتخلى عنه إخوته بعد رحيلي 
لكن متى أكون قد ظلمت نفسي؟ إذا خصَّصت أحداً من أبنائي بدون سبب، لكن لو هناك سبب شرعي تقره الشريعة، ويقره سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بأس، لكن أي تعدي على الحرمات التي جعلها الله هو من ظلم الإنسان لنفسه، قال صلى الله عليه وسلم
:
{ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ } ( البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه ) . ومحارم الله هي الأشياء التي حرَّمها علينا، إن كان في الحقوق، وإن كان في الواجبات، وإن كان في السعي على المعاش، وإن كان في جلب الأرزاق، وإن كان في البيع والشراء ... الذي يقع في شيء حرَّمه الله يكون قد ظلم نفسه: { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ ) ( الطلاق : 1) .
نسأل الله عز وجل أجمعين أن يعيننا على العمل بما يحبه ويرضاه في كل وقت وحين 
من كتاب { فتاوى فوريَّة جـــ4}
لفضيلة الشيخ/ فوزي محمد أبوزيــــد .
تعليقات
إرسال تعليق