🌿دعوة الأنبياء والمرسلين🌿
🌿للإصلاح في القرآن الكريم🌿
🌷🌷خطبة الجمعة🌷🌷
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
__________________________
🌷الحمد لله رب العالمين، أرسل الرسل من عنده بإذنه مبشرين ومنذرين، وجعل بسببهم وبسبب رسالاتهم صلاح الدنيا والسعادة يوم الدين.
🌹وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق العباد وهو أعلم بهم، يعلم ما السبب والسبيل إلى إصلاحهم، ولا سبيل إلى الإصلاح إلا بإصلاح النفوس، ولا صلاح للنفوس إلا بالهداية الربانية من عند المليك القدوس عزَّ وجلَّ.
🌹وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، أرسله الله عزَّ وجلَّ على حين فترة من الرسل، فعلَّم به بعد جهالة، وجمع به بعد فُرقة، وأغنى به بعد فاقة، وأعزَّ بعد ذلة.
🌹اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد الذي جمعت لنا وله الخير في قرآنك الكريم، وآله الطبيبين، وصحابته المباركين، وكل من اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وعلينا معهم أجمعين، آمين .. آمين يا ربَّ العالمين.
💦أيها الإخوة جماعة المؤمنين:
💜 إذا نظرنا نظرةً إلى الدنيا التي نحن فيها الآن، نجد فيها مشاكل لا تُعد ولا تُحد في مختلف البلدان، فالبلاد الغنية بما أعطاها الله من خيرات تزداد فيها المشاكل وتجد أهلها يعيشون في حسرات، والبلاد التي بلغت المدى في مجال العلم لا يستطيعون إصلاح نفوسهم ولا تقويم أخلاقهم بالعلم الذي تعلموه.
💦 إذن ما السبيل إلى إصلاح البشرية؟!!
🌼لا سبيل إلى ذلك إلا بالرجوع إلى ربِّ البرية عزَّ وجلَّ، فهو سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان، وجعل في كل إنسانٍ نفساً أمارةً، وصفها الرحمن وقال فيها في محكم القرآن:
(إِنَّ النَّفْسَ لامَّارَةٌ بِالسُّوءِ) (53يوسف).
إذا تُركت وغيِّها تجدها تميل إلى الظلم، وتميل إلى الفساد، وتميل إلى الجدال وإلى العناد. وصف الله عز وجل بعض أخلاقها في كتاب الله، فقال عن الإنسان الذي لم يستضيئ بنور الله، ولم يهتدي بشرع الله:
(إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً) (72الأحزاب).
من طبيعته الظلم، ومن طبيعته الجهل وعدم العلم بما ينفعه في الدنيا وما يرفعه في الميعاد يوم لقاء الله. من طبيعته العجلة: (وَكَانَ الانْسَانُ عَجُولا) (11الإسراء).
من طبيعته البخل والتقطير: (وَكَانَ الانْسَانُ قَتُورًا) (100الإسراء).
ولا إصلاح لهذه النفس البشرية إلا بالرسل الذين يجتبيهم ويصطفيهم الله، ويُعلِّمهم ويُوحي إليهم بوحيٍ من عنده، لينزلوا إلى البشرية صالحين ومصلحين، يصلحون أنفسهم أولاً ثم يقومون بالصلاح بين البشرية، وفي ذلك يقول نبي الله شعيب عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام:
(إِنْ أُرِيدُ إِلا الاصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) (88هود).
لا يريدون إلا الإصلاح، ولا إصلاح للبشرية إلا بالعودة للقيم الإلهية؛ الصدق والمروءة والوفاء، واحترام الصغير للكبير، وعطف الكبير على الصغير، والمودة والمحبة والشفقة والحنان، والتعاون في عمل البرِّ والتقوى، وتنزيه النفس والقلب من كل ما لا يحبه الرحمن - من البُغض والكراهية، والأحقاد والأحساد، والتنافس في الفانيات.
كل هذه الأمور هي التي جاءت بها الأديان، ورسَّخها النبي العدنان صلى الله عليه وسلَّم.
💦 فلا صلاح للبشرية كلها - في أي زمانٍ ومكان - إلا إذا رجعنا إلى القيم التي أعلى شأنها القرآن، وقد شاهدنا ذلك أجمعين عندما كنا صغاراً، وكانت الحالة الإقتصادية في بلادنا تحت الفقر، لكن الناس يحب بعضهم بعضا، يأتلفون فيما بينهم، يسعون إلى منافع إخوانهم، ترى الجار يهِّم إلى جاره في البأساء والسراء، ترى القريب يحاول دائماً أن يصل رحمه، ولا يتصف بالجفاء، ترى أهل البلدة أجمعين كأنهم أخوة، كأنهم المعنيون بقول الحبيب: (ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى عُضوٌ منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)[رواه البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه]
💦هذه القيم القرآنية والأخلاق الإلهية ليس هناك من يدافع عنها إلا المؤمنون والمسلمون، ليس هناك هيئة للرقابة على أهل القيم بين الناس، ولكن الناس هم الذين يراقبونها ويحرصون على وجودها، لأن في ذلك تمام المنة، ونعمة الأمن والأمان، والصلاح للدنيا والسعادة يوم لقاء الديان عز وجل. يقول الله عزَّ وجلَّ عن ذلك في القرآن:
(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) (40غافر).
💦 كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلَّم - أحرص ما يحرصون على هذه القم القرآنية، فإذا وجدوا إنساناً فيما بينهم خرج عنها - غشَّ في بيعٍ أو شراء، أو خداع مؤمنٍ في كلمة أو عقد بيعٍ أو غيره - الكل يقف، والكل ينصح، ويقولون: ((أُخذ علينا العهد من رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أن ننصح لكل مؤمن))، لا يقولون كما يقول الناس الآن: ((وأنا ما لي، ما دام بعيداً عني خلاص))، هو اليوم بعيد عني وسيكون قريباً مني غداً
💦كان المجتمع هو الذي يحرص على هذه القيم الإلهية، وهذه الأخلاق القرآنية كان الرجل ينتفض إذا وجد شابَّاً يُسيئ إلى أبيه، أو يُسيئ إلى أمه ولو كان ليس بينه وبيهم قرابة، لأنه لا يريد أن تسري هذه البلية إلى غيره من الشباب فتُعم البلية كما عمَّت في مجتمعنا الآن.
💦كان الناس من قِبَل أنفسهم، لا يطلبون من أحد أن يتدخل، وإنما يتدخلون من ذوات أنفسهم إذا وجدوا فيما بينهم رجلين تخاصما، تجد الكل يسعى للإصلاح بينهم، لا يقول:
لِمَ أسعى ولَمْ ينتدبني أحد؟،
بل الكل ينتدب نفسه بنفسه، لأنهم سمعوا الحبيب صلى الله عليه وسلَّم يقول:
(أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ. قَالُوا: "بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ،"قَالَ: إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ).(رواه أبو داود أحمد والترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ الله عَنْهُ)
كان الناس إذا رأى أحدهم رجلاً يريد أن يهضم أخواته البنات من حقهم في الميراث، هذا يلومه، وهذا يُذكِّره، وهذا يؤنبه، وكلهم حريصون عليه ويحرصون على أن تظل قيم الإسلام موجودة، لأنه إذا فُقدت قيم الإسلام كان المجتمع كأنه غابة فيها نفرٌ من اللئام!!، ينتشر فيها الظلم، ينتشر فيها الكذب، ينتشر فيها الخداع، ينتشر فيها قول الزور، وغيرها من الأخلاق التي نراها الآن!!، ولا رجوع عنها إلا برجوعنا إلى قيم الإيمان والقرآن
قال صلى الله عليه وسلَّم:
(إنما بُعثتُ لأُتمم مكارم الأخلاق)[مسند البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحبكم إلي أحسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، وأبغضكم إلى الله المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الملتمسون للبرآء العنت)(رواه الطبراني والخطيب وابن عدي وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة رضي الله عنه)
أو كما قال: (أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة).
-- الخطبة الثانية---
--------------------------
🌷الحمد لله رب العالمين، الذي أنزل إلينا كتاباً مبيناً فيه شفاءٌ لما في الصدور، وفيه هدىً للقلوب ونور.
🌷 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُحِقُّ الحقَّ ويُبطل الباطل ولو كره المجرمون.
🌷 وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، وصفيُّه من خلقه وخليلُه. أقام الله عزَّ وجلَّ به الشريعة الغرَّاء، وقوَّم به الملَّة العوجاء، وجعله فارقاً بين الحقِّ والباطل.
🌷 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا هداه، ووفقنا لعمل بشرعه يا الله.
👈أيها الأخوة جماعة المؤمنين:
جعل نبينا صلى الله عليه وسلَّم برنامج الإصلاح الإلهي للمجتمعات أن يبدأ من الأفراد قبل الجماعات، يبدأ بالإنسان أولاً بإصلاح نفسه، وتقويمها على أخلاق كتاب الله، وقياسها بالأخلاق الكريمة التي كان عليها سيدنا رسول الله، ثم بعد ذلك يبدأ بإصلاح أهل بيته: زوجه وولده وبناته، ثم بعد ذلك الأقرب فالأقرب،
فالإنسان هو وحده الذي يستطيع أن يغرس هذه القيم في نفوس ذويه، بعد أن ابتعدت وسائل الإعلام عن ذلك، وأصبح بينها وبين تعاليم الإسلام بوْناً بعيداً، وأصبحت المدارس غير مختَّصة بذلك، لأن التنافس أصبح على المقاعد في الجامعات، وكلنا نهتم بالدروس التي تُبلِّغ المجموع الذي يُحصِّل به المراد أو الطالب مكاناً نريده في الجامعة، وإن كانت أخلاقه وقيمه بعيدةً بُعداً كليًّا عن مبادئ الإسلام، وعن أخلاق الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
لكن علينا نحن جماعة المؤمنين كما ألزمنا النبي في قوله: (كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته)[رواه البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما].
لست مسئولاً عن الغذاء والكساء والدواء والدروس فقط - فإن هذه أمورٌ يتولاها الله، كما أنبأ في كتاب الله - لكنك مسئول عن عباداته لله، وعن إيمانه الصادق في حضرة الله، وعن بلوغه درجة الإخلاص في كل عمل بحيث يعمل العمل لله لا يرجو الأجر من أحدٍ سواه جلَّ في علاه، وتعلِّمه الأخلاق الكريمة والقيم القرآنية العظيمة.
أنت وحدك الذي تسقيه احترام الكبار والعطف على الصغار، أنت وحدك الذي تدربه على صلة الأرحام، أنت وحدك الذي تعلمه حقوق الجيران، أنت وحدك الذي تراقبه في الغدو والآصال، وتعلِّمه آداب الطريق، وحُسن إختيار الصديق والرفيق، وعدم النظر الذي لا يحله الله وبغَّضه إلينا حبيبنا رسول الله.
هذه الأخلاق القويمة، والقيم الإسلامية العظيمة، جعلها الدِّين أمانة في أعناقنا، وهي الأمانة العُظمى التي يحاسبنا عليها الله:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (6التحريم).
نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يُطهِّر نفوسنا، وأن يُزكِّيها، وأن يطهِّر قلوبنا، وأن يُهيِّم فيه أرواحنا....
🤲ثم الدعاء
🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴
وللمزيد من الخطب الدخول على موقع
🌹🌹 فضيلة الشيخ🌷🌷
تعليقات
إرسال تعليق