زوجي ميسور مادياً، ولكنه ضحَّى مرة واحدة في حياته، وبعد ذلك يُخرج مال الأُضحية في المستشفيات والأعمال الخيرية في ميعادها، ويقول: الكثير يذبح، واللحوم كثيرةٌ ولكن المريض يحتاج الدواء والعلاج أكثر من اللحوم، والمسلمة في حاجة للزواج والستر أكثر من حاجتها للطعام، فهل هذا أفضل في القبول عند الله أم الأُضحية؟
الجواب
هذا أكثر قبولاً عند الله، لأنه فَهِم الهدف الأسمى والأعلى من الدين، فيفعل ما يُرضي رب العالمين تبارك وتعالى.
- لأن الأُضحية ربما يكون فيها شيء من الشهرة، فأنا أُضحي هذه السنة وأُنبه هنا وهنا بأنني سأُضحي في هذه السنة، وهذا فيه شيء من الشهرة، وربما يكون فيها شيء من التفاخر، فأقول: أُضحيتي أعطتني كذا كيلو من اللحم، وأنت أُضحيتك كم أعطتك؟ فهنا ندخل في التفاخر والتباهي.
لكنه اختار الطريق الصعب الذي ينبغي أن يسلكه كل مؤمن، فإذا ضحَّى مرة يكون قد عمل ما عليه، لأن الأُضحية سُنَّة، واتفق العلماء على أن المسلم يجتهد أن يفعلها ولو مرة في العمر، فإذا عمل هذه المرة ثم رأى شيئاً أولى فهذا أفضل.
- كذلك الحج، هو حجَّ حجة الفريضة، فهل الأفضل أن يُكرر الحج أم ينفق المال على الفقراء والمساكين والمحتاجين؟! الأفضل أن ينفقه على الفقراء والمساكين والمحتاجين.
- سيدنا عبد الله بن المبارك رضي الله تعالى عنه :خرج للحج ومعه وفدٌ، وكان حج نافلة، فوجد امرأة تلتقط بطة ميِّتَة من على قمامة، فسألها: لماذا أخذتيها؟ وكانت فقيهة، فقالت: أُحلت لنا الميْتَة، فقال لها: ولم؟! قالت أنا عندي ثلاث بنات، وأنا وبناتي منذ ثلاثة أيام لم يدخل في بطننا طعام، فأحلَّ الله لنا الميْتَة!،
فجاء بالقائم على أمور رحلة الحج، وقال له: ماذا معك من الأموال؟ قال كذا، قال: وماذا يكفينا من المال للرجوع؟
قال: يكفينا كذا، قال: دع ما يكفينا للرجوع، والباقي كله أعطه لهذه المرأة، ولن نحج في هذا العام، وكان يحج عاماً ويغزو عاماً، وبعد أن رجع الحجيج من الحج فوجئ أنهم جاءوا يزوروه، جماعة منهم من يقول له:
أنا رأيتك في عرفات،
ومنهم من يقول له: رأيتك عند رمي الجمرات،
ومنهم من يقول له: رأيتك في الطواف،
ومنهم من يقول له: رأيتك في السعي،
وهو صلى العيد مع الناس ولم يخرج! .. فيقول: احترت في هذا الأمر، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، وشكوت له حيرتي، فقال: يا عبد الله إنك لمَّا أكرمت هذه المرأة أرسل الله مَلَكاً في صورتك وهيئتك يحج عنك إلى يوم القيامة.
فمن حج عنه مَلَك فكم تساوي هذه الحجة؟!! ومن منا يستطيع أن يعمل عمل الملك؟!! لا أحد، فلا شواغل ولا ومشاغل ولا هذا ولا ذاك، وحسن نوايا وطوايا على الدوام، هذا اسمه الفقه في الدين، يعني فقه الأمر الذي ينبغي أن يفعله، والأمر هنا هل يذهب للحج ويترك هذه المسكينة تموت هي وأولادها؟!!
الأَوْلى ما فعله.
فأقول للسائلة أن زوجك رجلٌ فقيه، لأنه ضحَّى مرة، ثم بعد ذلك توجَّه بثمن أُضحيته ليمسح بؤس اليتيم، وألم المريض، وعناء الفقير، وهذا هو جوهر ديننا الحنيف، نسأل الله أن يوفِّقنا لذلك أجمعين.
من كتاب : " القول السَّديد "
لفضيلة الشيخ/ فوزي محمد أبوزيد .
تعليقات
إرسال تعليق