تفسير الأحلام له شروط كثيرة ، ومصيبة المصائب لو فسر احد الحلم بغير علم فقد وقع التفسير ، لأن الأحلام كما قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ}[1]
ولذا ينصح العلماء بعدم عرض أى حلم إلا على مؤمن ، لأنه لو فسره أى أحد فأول تفسير يقع ، فقد توافق الرؤيا الأقدار إذا كانت رؤيا صالحة ، وقد تكون حلماً من الشيطان وقد تكون من النفس أضغاث أحلام
فالرؤيا ثلاثة أنواع :
فمنها أضغاث أحلام يعنى الذي أراه في النهار أراه في الليل فلا تكون هذه رؤيا
وتوجد رؤيا تسمى رؤيا تحزين من الشيطان ، ويأتي بها ليحزنني
أما الرؤيا الصالحة فمن الله عز وجل فالرؤيا الصالحة قد توافق الأقدار كما قد يرى بعض الأبرار أنه سيحج إلى بيت الله الحرام ويحج
لكن الرؤيا تحتاج إلى معبر فليس أي إنسان يعبر الرؤيا ، بل الذي يعبر الرؤيا لا بد أن يكون عنده شئ من وراثة علم سيدنا يوسف ، مثل سيدنا محمد بن سيرين لما رأى في المنام سيدنا يوسف عليه السلام أعطاه لسانه وأمره أن يضعه في فمه ، فقام وقد علم علم تأويل الأحلام
وعلم تأويل الأحلام يحتاج أيضا إلى نور لأنه قد تكون الرؤيا واحدة لكن بالنور الذي عنده يكشف الاثنان ، فقد جاء إلى الشيخ محمد بن سيرين إثنان مع بعضهما ، فأما الأول فقال له : لقد رأيت أنني أؤذن في المنام ، والثاني أيضا قال له لقد رأيت أنني أؤذن في المنام
هل يوجد فرق بين رؤيا الاثنين؟ لا ، لكنه عندما قال له الأول أنني رأيت في المنام أنني أؤذن الإشارة التي جاءت له من الملأ الأعلى {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} فقـال له إنك ستحج إلى بيت الله الحرام
أما الثاني فوقت ما قال له جاءته الإشارة من الملكوت الأعلى {أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} فقال له ستسرق وتقطع يدك وقد حدث ذلك رغم أن الرؤيا هي نفس الرؤيا لكن التأويل جاء كما قال ربنا {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} ولم يقل {إن كنتم للرؤيا تُعبَرون} فإنه ليس تعبير إنما عبور
لأن الرؤية آية من عالم الملكوت فصاحب تأويل الرؤيا الحقي يراها في حقيقتها ، فيؤولها كما رآها في عالم الملكوت فلا يخمن ويقول تأويلها كذا ، تعبر {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}
فعندما تنظر إلى الرؤيا الخاصة بسيدنا يوسف التي عبرها فالرجل قال له {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} يوسف43
فرأى سبعة وسبعة وسبعة وسبعة أليس كذلك؟ ففسر الرؤيا فانظروا التفسير {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ} هؤلاء السبع سنين سيكون فيهم الخبز فحتى تحفظوا المحصول اتركوه في سنبله وسيأتي بعد هذا {ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} يوسف48
هذه الرؤيا ، انظروا إلى ما جاء به من الملا الأعـلى {ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} من أين هذا العام؟ هل الرؤيا فيها غير السبعة والسبعة؟ هـل فيها العام الخامس عشر هذا؟ من أين جاء به؟ جاء بالرؤيا من منبعها ومن مصدرها {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}
ذهب الإمام أبو حنيفة إلى ابن سيرين وقال له يا سيدي لقد استيقظت فزعاً من نومي فقـال له لماذا؟ قال رأيت أنني قد دخلت قبر حضرة النبي ووجدت أنه كله عظم وأنا أجمع هذا العظم وأضعه في مكتل فقال له إنك ستجمع حديث رسول الله وقـد كان ذلك
ســـمات المعــبر :
فالرؤيا تحتاج إلى المُعبر والذي يعبرها لابد وأن يكون رجلاً من الصالحين الآخذين قسطا من علوم سيدنا يوسف عليه السلام في تأويل الرؤيا ، وهذه الأمور كانت موجودة أيضا أيـام سيدنا رسـول الله صلى الله عليه وسلم فـكان علم تأويل الرؤيا لسيدنا أبـو بكـر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقص الرؤيا وسيدنا أبو بكر يؤول وهو موجود صلوات الله وسلامه عليه وليست رؤيا واحدة بل رؤيا كثيرة كان يراها رسول الله ويؤولها سيدنا أبو بكر
فمرة قال النبى صلى الله عليه وسلم : أنا رأيت أن نفرا من أصحابي وقفوا على بئر ، فأمسك أحدهم بالدلو ونزع نزعا ضعيفا والثاني أمسك بالدلو ونزع نزعاً روى الناس كلهم ، ما تأويلها يـا أبا بكر؟ فقال له الذي يتولى بعدك لن يعيش كثيراً ، والذي يأتي بعده هو الذي ستستقر الدولة على يديه ، وقد كان ذلك ، ومن هذه رؤيات كثيرة
دسائـــس الرؤيـــــــا :
لكن الذي نحذر منه الناس ألا يقفوا عند الرؤية لأنها أول شئ من المبشرات الصالحات والنبي لما تكلم عن الرؤيا وروت ذلك عنه السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت{أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم}[2]
{فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح}[3]
والرؤيا ما قدرها يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم {الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة}[4]
{1} رواه أبوداود والترمذي وابن ماجه ومسند احمد وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد
{2} وفي رواية للبخاري : كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة في النوم 4/1894 رقم الحديث (4670) ، وفي رواية لابن حبان : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة يراها في النوم 1/216 رقم (33)
{3} وفي رواية للحاكم : كان لا يرى رؤيا إلا جاءته مثل فلق الصبح ، المستدرك 3/202 رقم (4843) وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وفي رواية لأبي داود الطيالسي : كان أول ما بدأ به رسول الله الرؤيا الصادقة لا يرى في منامه رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ص(207) رقم (1464) . وفي رواية في مسند إسحاق بن راهويه : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة وكان لا يكاد يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح 2/314 رقم (840)
{4} رواه أحمد و البخاري و مالك
منقول من كتاب {أبواب القرب ومنازل التقريب} للشيخ فوزى محمد أبو زيد
https://www.youtube.com/watch?v=VQDoDAQuKfM
ولذا ينصح العلماء بعدم عرض أى حلم إلا على مؤمن ، لأنه لو فسره أى أحد فأول تفسير يقع ، فقد توافق الرؤيا الأقدار إذا كانت رؤيا صالحة ، وقد تكون حلماً من الشيطان وقد تكون من النفس أضغاث أحلام
فالرؤيا ثلاثة أنواع :
فمنها أضغاث أحلام يعنى الذي أراه في النهار أراه في الليل فلا تكون هذه رؤيا
وتوجد رؤيا تسمى رؤيا تحزين من الشيطان ، ويأتي بها ليحزنني
أما الرؤيا الصالحة فمن الله عز وجل فالرؤيا الصالحة قد توافق الأقدار كما قد يرى بعض الأبرار أنه سيحج إلى بيت الله الحرام ويحج
لكن الرؤيا تحتاج إلى معبر فليس أي إنسان يعبر الرؤيا ، بل الذي يعبر الرؤيا لا بد أن يكون عنده شئ من وراثة علم سيدنا يوسف ، مثل سيدنا محمد بن سيرين لما رأى في المنام سيدنا يوسف عليه السلام أعطاه لسانه وأمره أن يضعه في فمه ، فقام وقد علم علم تأويل الأحلام
وعلم تأويل الأحلام يحتاج أيضا إلى نور لأنه قد تكون الرؤيا واحدة لكن بالنور الذي عنده يكشف الاثنان ، فقد جاء إلى الشيخ محمد بن سيرين إثنان مع بعضهما ، فأما الأول فقال له : لقد رأيت أنني أؤذن في المنام ، والثاني أيضا قال له لقد رأيت أنني أؤذن في المنام
هل يوجد فرق بين رؤيا الاثنين؟ لا ، لكنه عندما قال له الأول أنني رأيت في المنام أنني أؤذن الإشارة التي جاءت له من الملأ الأعلى {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} فقـال له إنك ستحج إلى بيت الله الحرام
أما الثاني فوقت ما قال له جاءته الإشارة من الملكوت الأعلى {أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} فقال له ستسرق وتقطع يدك وقد حدث ذلك رغم أن الرؤيا هي نفس الرؤيا لكن التأويل جاء كما قال ربنا {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} ولم يقل {إن كنتم للرؤيا تُعبَرون} فإنه ليس تعبير إنما عبور
لأن الرؤية آية من عالم الملكوت فصاحب تأويل الرؤيا الحقي يراها في حقيقتها ، فيؤولها كما رآها في عالم الملكوت فلا يخمن ويقول تأويلها كذا ، تعبر {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}
فعندما تنظر إلى الرؤيا الخاصة بسيدنا يوسف التي عبرها فالرجل قال له {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} يوسف43
فرأى سبعة وسبعة وسبعة وسبعة أليس كذلك؟ ففسر الرؤيا فانظروا التفسير {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ} هؤلاء السبع سنين سيكون فيهم الخبز فحتى تحفظوا المحصول اتركوه في سنبله وسيأتي بعد هذا {ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} يوسف48
هذه الرؤيا ، انظروا إلى ما جاء به من الملا الأعـلى {ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} من أين هذا العام؟ هل الرؤيا فيها غير السبعة والسبعة؟ هـل فيها العام الخامس عشر هذا؟ من أين جاء به؟ جاء بالرؤيا من منبعها ومن مصدرها {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}
ذهب الإمام أبو حنيفة إلى ابن سيرين وقال له يا سيدي لقد استيقظت فزعاً من نومي فقـال له لماذا؟ قال رأيت أنني قد دخلت قبر حضرة النبي ووجدت أنه كله عظم وأنا أجمع هذا العظم وأضعه في مكتل فقال له إنك ستجمع حديث رسول الله وقـد كان ذلك
ســـمات المعــبر :
فالرؤيا تحتاج إلى المُعبر والذي يعبرها لابد وأن يكون رجلاً من الصالحين الآخذين قسطا من علوم سيدنا يوسف عليه السلام في تأويل الرؤيا ، وهذه الأمور كانت موجودة أيضا أيـام سيدنا رسـول الله صلى الله عليه وسلم فـكان علم تأويل الرؤيا لسيدنا أبـو بكـر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقص الرؤيا وسيدنا أبو بكر يؤول وهو موجود صلوات الله وسلامه عليه وليست رؤيا واحدة بل رؤيا كثيرة كان يراها رسول الله ويؤولها سيدنا أبو بكر
فمرة قال النبى صلى الله عليه وسلم : أنا رأيت أن نفرا من أصحابي وقفوا على بئر ، فأمسك أحدهم بالدلو ونزع نزعا ضعيفا والثاني أمسك بالدلو ونزع نزعاً روى الناس كلهم ، ما تأويلها يـا أبا بكر؟ فقال له الذي يتولى بعدك لن يعيش كثيراً ، والذي يأتي بعده هو الذي ستستقر الدولة على يديه ، وقد كان ذلك ، ومن هذه رؤيات كثيرة
دسائـــس الرؤيـــــــا :
لكن الذي نحذر منه الناس ألا يقفوا عند الرؤية لأنها أول شئ من المبشرات الصالحات والنبي لما تكلم عن الرؤيا وروت ذلك عنه السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت{أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم}[2]
{فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح}[3]
والرؤيا ما قدرها يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم {الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة}[4]
{1} رواه أبوداود والترمذي وابن ماجه ومسند احمد وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد
{2} وفي رواية للبخاري : كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة في النوم 4/1894 رقم الحديث (4670) ، وفي رواية لابن حبان : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة يراها في النوم 1/216 رقم (33)
{3} وفي رواية للحاكم : كان لا يرى رؤيا إلا جاءته مثل فلق الصبح ، المستدرك 3/202 رقم (4843) وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وفي رواية لأبي داود الطيالسي : كان أول ما بدأ به رسول الله الرؤيا الصادقة لا يرى في منامه رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ص(207) رقم (1464) . وفي رواية في مسند إسحاق بن راهويه : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة وكان لا يكاد يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح 2/314 رقم (840)
{4} رواه أحمد و البخاري و مالك
منقول من كتاب {أبواب القرب ومنازل التقريب} للشيخ فوزى محمد أبو زيد
https://www.youtube.com/watch?v=VQDoDAQuKfM
تعليقات
إرسال تعليق