القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الأخبار [LastPost]


وجوه يومئذ ناضرة                                          

-----------------
سؤال: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ . إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (22، 23 القيامة) نرجو البيان؟
الجواب:
قل فيها ما شئت، فمعاني القرآن واسعة، لأن كلام الله عزَّ وجلَّ هو الصالح لجميع الوجهات ولجميع الغايات،
لكن المهم ألا يُقلب هذه الآيات إلا أهل العنايات، فلا ينفع أن يقلبها أهل العقول
ولا أهل النقول مهما كانوا فحول في هذا الباب،
لا يقلبها إلا أهل العنايات لأنها فتوحات،
ولذلك كان الصالحون في كل آية يُعطون بها توجيهاً لأهل البداية،
بمعنى أن كل واحد يأخذ من الآية توجيهاً له،
وذلك بحسب الفتح الآتي له من الله عزَّ وجلَّ،
ومن يريد أن يسجل رسالته فإن أول شروط التسجيل أن يأخذ دبلومة في تزكية النفس والورع،فإذا زكَّى الإنسان نفسه ثم تحلَّى بالورع فإن الله عزَّ وجلَّ يقبله،
والقائم مقام الحبيب صلى الله عليه وسلم يوجهه ويقيمه على المحجة البيضاء
ويعطيه الشفاء الذي ينال به ما عند الله عزَّ وجلَّ من عظيم الفضل والخير والجزاء.
إذن لابد من تزكية النفس أولاً،
وتزكية النفس تعني طهرتها، أي: أطهرها من الرعونة، ومن صفات الجاهلية ..
من الحقد ومن الحسد، ومن النفاق ومن الرياء، ومن السمعة ومن حب الظهور،
وذلك حتى يصير الإنسان من المخلِصين، فتكون الدرجة التي بعدها أن ينتقل من المخلِصين إلى المـُخلَصين،
فلا يعمل عملاً ظاهراً أو باطناً إلا لله، ولا يرجو من وراءِه إلا رضاه،
ولا يبالي بالخلق - أقبلوا أم أدبروا - لأنه يعمل العمل لله،
مع قيامه بأكمل الحقوق التي كلَّفه بها الحبيب نحو خلق الله،
أي: يقوم لهم بكافة الحقوق ولا ينتظر منهم عطاء، ولا يطلب منهم جزاء لأيِّّ عمل عمله لهم،وإنما يعمل العمل لله، ويكون تعامله دائماً مع مولاه،
ولا ينتظر خيراً ولا برًّا ... ولا عطاءاً ولا فضلاً ... إلا من حضرة الله جل في علاه.
وبعد دبلومة تزكية النفس، وعلامة التزكية أن يصل الإنسان إلى مقام الورع،
وهو – كما أشرنا سابقاً – أن يترك الإنسان كل الشبهات، ويقف على الأمور المحكمات
لكى يدخل على فضل الله عزَّ وجلَّ، وعلى عطاء الله،
وأول الورع هو الورع عن الكلام الذي لا يُرضي الملك العلام،
ولذلك فإن أول أمر يجب أن ينجح فيه المريد هو: العمل بقول الحبيب:
لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ }
(البخاري ومسلم وسنن الترمذي عن أنس رضي الله عنه )
وقوله صلى الله عليه وسلم:
مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ }
(الترمذي وابن ماجة وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه)
فلا ينشغل بأخبار ولا بأحوال الناس ، ولا بمشاكلهم ولا بمشاغلهم،
وإنما يكون شغله كله مع نفسه وذلك حتى يزول لبسه،
ويُقدم على الفتح مع أهل الفتح،
نسأل الله عزَّ وجلَّ أن نكون منهم أجمعين.

من كتاب شراب أهل الوصل 

reaction:

تعليقات