مُعَامِلةُ اللهِ عزوجل لهذهِ الأمَّة
بيَّن الله عز وجل حسن معاملته لهذه الأمة ، إذ يعاملهم بفضله ، ولا يعاملهم كغيرهم بعدله ، فقال عز وجل :
( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ) ( 16 الأحقاف )
في حين أنه قال في القوم الآخرين :
وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا (23)(الفرقان)
يا عجباً لقدرة القدير الذي لا يسأل عما يفعل .. يقبل على قوم فيمنحهم كل حبِّه وودِّه ، ويكتب لهم سابق عنايتـه وقربه .
وعندما يأمر القلم أن يخطَّ أقدار الأمم ، يقول للقلم :
اكتب مقادير كل شيء !! - أمة آدم ؟ ما قرار القدر الصادر لها ؟ - مَنْ أَطَاعَنِى دَخَلَ الْجَّنَةَ ، وَمَنْ عَصَانِى دَخَلَ الْنَّارَ ، ثُمَّ يُمْلِى الْعَلِىُّ الْقَدِيرُ عَلَى الْقَلَمِ الإلَهِىِّ مَا كَتَبَهُ لِلأُمَمِ - وقرار القدر السابق فيها -فَإذَا انْتَهَى إِلَى أُمِّةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، - كان القلم قد تعود على هذا القرار لأن القرار الصادر إلى جميع الأمم : "من أطاعنى دخل الجنة ، ومن عصاني دخل النار " ،فَهَمَّ الْقَلَمُ أَنْ يكْتُبَ هَذَا الْقَرَارَ ، فِإِذَا بِنِدَاءِ الجَبَّارِ لَهُ : اسْكُتْ يَاقَلَمْ ، فَانْشَقَ الْقَلَمُ مِنْ هَيْبَةِ جَلالِ اللهِ، وَعَظَمَةِ اللهِ، وَقُدْرَةِ اللهِ ، ثُمَّ قَالَ مَاذَا أكْتُبُ يَارَب ؟ فَقَالَ اللهُ تَعَالى : أُمَّةٌ مُذْنِبَةٍ وَرَبًّ غَفُور (1)
قرار خاصٌّ لهذه الأمة المخصوصة ، لماذا ؟
لأن الله جعل لها نبيَّاً مصطفى ، وكتاباً مجتبى ، وخصَّ هذه الأمة بما لم يخصُّ به الأمم السابقة جميعها .
ومن ضمن هذا الفضل الذي ذكره الله عز وجل في هذه الآية :
أنه جعل الحسنة للأمم السابقة بواحدة ، ولهذه الأمة بعشرة إلى سبعمائة ضعف:
( وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ) (261)(البقرة )
بل إن الأمم السابقة كان أحدهم إذا اقترف ذنباً ؛ يصبح .. فيجده مكتوباً على باب داره : فلان سرق ، أو فلان قاتل ، أو فلان زانٍ ، وهكذا ، فلما بُعث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، قال الله عز وجل له إكراماً وتقديراً وتعظيماً له :
( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ ) (33 الأنفال )
حتى أن الكفار بعد بعثته ، منع الله عزوجل عنهم العذاب ببركته صلوات الله وسلامه عليه ، فلم ينزل عليهم الصواعق ، ولم ينذرهم بالصيحة ، ولم يهلكهم بالخسف أو المسخ إكراماً له ﷺ .
--------------------------------------------
(1) رواه أحمد والترمذي عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه .
---------------------------------------------
همسات إيمانية من كتاب
{حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبو زيد
إمام الجمعية العامة للدعوة الى الله
=========================
تعليقات
إرسال تعليق