_________________
س : نفسي لوامة، وضميرى يطاردنى في كل أفعالي، لدرجة أننى أصبحت أشعر بأن كل ما أفعله لا يكون على أكمل وجه، و ذلك يجعلني حزيناً ـ فما الحل؟
===================================
لم يبلغ أحد الكمال في أي عمل إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلنا مقصرون، وقال صلى الله عليه وسلم فينا أجمعين:
{كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ , وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ }
( الترمذي عن أنس رضي الله تعالى عنه ).
المؤمن دائماً يشعر أنه مقصِّرٌ في حق نفسه، ومقصِّرٌ في طاعة ربه، لكن عنده عشمٌ في الله، نسميه: "حُسن ظنٍ في الله"، لابد وأن يكون الإثنان معاً؛ أنا خائف من التقصير ولكن متعشم أن ربنا يوم القيامة يحاسبني بفضله.
والحساب يوم القيامة نوعان: قومٌ يحاسبهم الله بفضله، وقومٌ يحاسبهم الله بعدله.
من يحاسبهم الله بفضله يقول فيهم في القرآن:
{ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ۖ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } [ الأحقاف : 16 ] .
يقبل الله منهم أحسن أعمالهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، وهؤلاء أنتم يا أمة النبي - غير بقية الأمم السابقة. حتى أن حضرة النبي وصف الحساب الذي نتعرض له، ولا يوجد أحد يخرج عن هذا الحساب إلا من يتباهى بالمعاصى، ومن يخرج ويفعل المعاصى علانية ولا يخشى الله ولا يخشى الخلق، ويظل على ذلك ولا يتوب حتى يلقى الله عزَّ وجلَّ .
لكن نحن جماعة المؤمنين الذين يخافون من التقصير في العمل، وخائفون من شدة الحساب، حضرة النبي يقول لنا - تبشيراً لنا:
{ إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ ِ - ويكلمه بغير ترجمان ليس معهما أحدٌ نهائياً ، ويُلقى عليه جلباب الكبرياء لكى لا يرى أحدٌ من أهل الموقف شيئاً، ويعرض عليه عمله - من الذي يراه؟ هو والله عزَّ وجلَّ !!-
ثم يقول: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ، فَيَقُولُ : نَعَمْ ، أَيْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ ، قَالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِه }
( البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما ) .
هذا حساب المؤمنين من أمة سيدنا محمد، وأما بقية الأمم يكون الحساب على رءوس الأشهاد، فالكل سيرى، والكل سينظر؛ وهذا يكون هو الخزى الذي طلب سيدنا إبراهيم من الله عزَّ وجلَّ أن لا يعرضه له وقال:
{ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ } [ الشعراء ] .
وهذا الخزى فضيحة؛ ووعد الله أمة النبي كلها بأن لا تتعرض لذلك: { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ } [ التحريم : 8 ] .
فيكون الحساب بينهم وبين الله .
ومن الذي سيتعرض للخزي؟
الذي يجلس مع الناس ويتحدث بالفضائح التي عملها ويتباهى بها، ومن يخرج أمام الخلق ويتباهى أنه يفعل كذا وكذا،
قال صلى الله عليه وسلم :
{كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرُونَ }
( البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه ) .
فضيلة الشيخ/ فوزي محمد أبوزيد
تعليقات
إرسال تعليق