النسيان ...الوقاية والعلاج 🌼_____________🌼

 النسيان ...الوقاية والعلاج

_____________

النسيان آفة ذهنية يتعرض لها الإنسان لأسباب كثيرة أغلبها طبية، وتؤثِّر على ذاكرة الإنسان وتجعل الإنسان كثير النسيان، أو يكون من كثرة المشاغل التي انشغل بها المرء في عدم وجود تنظيم دقيق، وهي آفة الإنسان العربي أو المصري بصفة خاصة، ولا يوجد أحدٌ عندنا جماعة المصريين يقوم بعُشر مايقوم به الأوروبيين من الأعمال، والأمريكان والألمان واليابانيين وغيرهم، هم فقط منظمين، فكل واحد يسجل ويكتب، وفى الصباح ينظر في مفكرته، إن كانت مفكرة الكترونية أو مفكرة كتابية، ينظر المطلوب منه في اليوم ويعالج النقاط نقطة نقطة، وما تمَّت معالجتها يعلم عليها.

نحن هنا في مصر غلب علينا ما يسمونه الدروشة، فيقول لك: خليها على الله، والله نظَّم كل شيءٍ، مع أن الله عزَّ وجلَّ يقول: { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } [ الرعد: 8].

فأنت حتى تمشي على نهج الله لا بد أن يكون كل شيء عندك بقدرٍ وبمقدار.
ولأننا لا ننظم، يكون العمل غير مُنظم ولا مخطط، فيواجه مشاكل في أداء العمل، وينسى أمور كثيرة تخص العمل، لكن لو كان الإنسان مُنظماً في حياته فستكون كل الأمور تمشي على وفق النظام الدقيق ولن يفوته شيئاً، وهذا هو النسيان.

فالنسيان آفة تعترى الأذهان، ولذلك هذه الآفة لأنها فسيولوجية وعضوية فإنها تصيب النساء بعد تكرار الحمل والولادة، فنتيجة نزول الدم بكثرة، وهذا الدم هو المحرِّك الأساسي لكل أعضاء الجسم تبدأ المرأة فتنسى كثيراً، ولذلك الرجل الحكيم يعلم ذلك منها ويعذرها على ذلك، وإذا أرادها رجلاً مثله يكون مخطئاً في ذلك الأمر، لأنها لم تكن رجلاً في يوم من الأيام.

وكذلك الرجل عندما يعتريه الكبر في السن ينتابه النسيان، وكان الكبر الذي يؤدي إلى النسيان في الزمن الماضي كان يبدأ تقريباً بعد السبعين، لكن حالياً أنا أرى أن الكبر الذي يؤدي إلى النسيان يبدأ عند الشباب في سن الخامسة والعشرين، يعني في هذا السن يبدأ الشباب في سن الشيخوخة، لماذا؟ لأنك تجده عند هذا السن لا يتذكر شيئاً نهائياً، تأمره بفعل شيء يقول لك: حاضر، وبعد لحظة ينساه بالكلية، لماذا؟ نتيجة لكثرة الهلاوس والهواجس التي يرتادها ويتوجه ويعيش فيها الشباب.

كان في القديم يهتم الناس بالأعمال لكى يجاهدوا، ويبعدون عن الهواجس النفسية والوساوس الشيطانية التي تأتيهم في فترة الشباب، فكان هذا يحفظ الذاكرة، فلما أهلك الشباب نفسه بالهواجس من النفس، والمسالك من الأخبار يتلقاها من أمثاله وأشباهه وغير أمثاله وغير أشباهه، والآذان منصتة تمام التمام لما يلفت الأذهان فهذه عجَّلت بشرود الذهن، والنسيان، وفقد التذكر التي يتعرض لها الشباب.

 الوقاية والعلاج 

وللوقاية والعلاج من مرض النسيان نجد الإسلام يعطي للمسلم ضمانة من هذا المرض إذا التزم بالتالي:

 أولاً- تناول اللقمة الحلال والإبتعاد عن الحرام في الطعام والشراب بالكلية.

 ثانياً- غض البصر وحفظ الجوارح وخاصة العين والأذن من جميع المعاصي التي تعجُّ بها هذه الحياة.

 ثالثاً- المحافظة على فرائض الله وخاصة فريضة الصبح في جماعة في المسجد.

 رابعاً- المداومة على ورد يومي من كتاب الله ترتيلاً وتدبراً : { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ } [ المزمل : 20 ].

إذا مشى الإنسان على هذه الروشتة يظل حتى يلقى الله - ولو صار عمره مائة وعشرون سنة - وذاكرته قوية، ولم يُصب بفقدان الذاكرة، ولن يأتيه داء النسيان، إلا في الأمور التي إذا تذكرها حدث له إحباط أو حدث له خزىٌ وندم أو حدث له خبل في عقله، وهذا من فضل الله عليه أن العقل يحملها ويلقيها في سلة المهملات حتى لا يعكر صفوه مع ربه بتذكر هذه الحالات، لأنه تحصَّن بالحصون القرآنية التي وضعها لنا الرحمن عزَّ وجلَّ ، والتى بيَّنها لنا النبي العدنان صلى الله عليه وسلم.

 من كتاب : " فتاوى فوريَّة"
لفضيلة الشيخ/ فوزي محمد أبوزيد