🌺 تدريب الأولاد على الصلاة 🌺

تدريب الأولاد على الصلاة

س: كيف أجعل ابني يصلي حباً في الصلاة لا خوفاً مني؟

أول أمر يجب أن يفعله الأب مع ابنه أن يلقنه العقيدة الصحيحة، كيف ذلك؟ يذكره دائماً بنعم الله عز وجل ، فيشرح له - على سبيل المثال - إذا كانوا يأكلون يقول له: يا بني ألا تعلم كيف أتانا هذا الطعام؟

{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) } [ سورة عبس ] .

هذا الرغيف الذي نأكله ورد فيه الخبر والأثر أنه :

{ يعمل في رغيف الخبز ثلاث مائة وستون ملكاً حتى يصل إلى أفواهكم }.

ثلاث مائة وستون ملكاً يعملون فيه غير الإنس الذين يعملون فيه أيضاً، فمنهم من يأخذ البخر من البحر، فالله عز وجل يسلط الشمس على البحر لتبخر الماء، فترفعه الملائكة إلى عنان السماء، ومنهم من يجمعه ويجعله سحاب، ومنهم من يسوق السحاب، ومنهم من ينزل السحاب على مكان يحدده العلي الوهاب على جبل من الجبال، ويمشي بعد ذلك على الأرض التي خدَّها وشقها الله.

فنحن لكى نحفر فرعاً صغيراً في قناة السويس نحتاج إلى مليارات الجنيهات، فكيف بحفر نهر النيل كيف يتكلف حفره؟ ومَن الذي حفره؟ الله عز وجل ، وجعل نهراً ظاهراً ونهراً باطناً، فالنهر الظاهر يصل إلينا لنأخذ منه ما نريد، والنهر الباطن يصل إلى الوادي الجديد ويصل للبحر الأحمر لمن يسكن في الصحارى فيجدوا ماءاً في باطن الأرض، وكل هذا بأمر الله عز وجل .

وجعل الله عز وجل النباتات والخضروات والفواكه متنوعات، مَن الذي أنزل البذرة الأولى؟ هل نحن، أم الله؟ الله، لو لم توجد بذرة فهل نستطيع أن نحصل على أى بذرة أولى من أى نبات؟ لا.

وننظر للأرض، جهزها الله ووضع فيها الغذاء اللازم للنبات، والماء أنزله الله، والهواء أرسله الله، وكل ما هو علينا هو أن نضع البذرة التي أوجدها الله في الأرض وهو يأتى لها بمائها وهوائها وجذرها ينزله في الأرض لتأخذ غذاءها.

نضع في هذه الأرض بذرتين أو ثلاثة أو أربعة لأصناف شتى: { وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ } [الرعد : 4 ] .

المانجو لها طعم، والمشمش له طعم، والبرتقال له طعم، والمزروعات والخضروات كل واحدة لها طعم ولها شكل ولها لون ولها حجم ولها غلاف، من الذي يتولى ذلك؟ الله رب العالمين

أشرح لابني من الصغر هذه الأشياء، فيكون عنده عقيدة في الله، ثم أقول له بعد ذلك: صاحب هذه النعم ألا يجب علينا أن نشكره؟ فمن أدَّى إلىَّ خدمة أظل دهراً أشكره على هذه النعم التي لاتُعد ولا تُحد، من الذي جعل العين تنظر؟

ومن الذي ضمن المحافظة على هذا البصر؟ من الذي جعل لك قطعة عظم تسمع بها وليس فيها آلات ولا فيها أدوات ولا ميكانيكا ولا فيها تكنولوجيا؟ ومن الذي جعل قطعة اللحم هذه وهي اللسان تتذوق بها الطعام وتُسهل في فمك على بلع الطعام، وتستطيع بها الكلام، وجعل معها صوتاً، ولكل واحد له صوت مخصوص خصَّه به الملك العلَّام، فلا يوجد صوت يشبه صوت الآخر من الأولين إلى الآخرين، الوجه واحد ولكن كل وجه غير وجه الآخر حتى ولو كانا توأم فلكل واحدٍ منهما وجه خاصٌ به:

وفي كل شيءٍ له آية

تدل على أنه الواحد

أصبحت في الصباح والعين كما هي ترى، فأحتاج ان أشكره على البصر، والأذن كما هي فأحتاج أن أشكره على نعمة السمع، وكذلك اللسان سليم أحتاج إلى شكره على نعمة الكلام، والمعدة تهضم، من الذي يُحركها بالهضم؟ فأنا أدخل لها الطعام ولكن من الذي يعطيها الإذن بالهضم؟ الله، هل يستطيع أحدٌ منكم أن يتحكَّم في هضم الطعام فيقول لها: انتظرى نصف ساعة حتى أنام ثم اهضمي الطعام؟ لا، فهو بإذن الله عز وجل .

القدمان تتحركان، والعقل موجود ومحفوظ، لو هذا العقل ذهب منه أفقٌ واحدٌ فالناس كلهم سيهربون من هذا الإنسان، مع أن الناس كلهم يعطفون على الحيوان، ولكنهم يهربون من الإنسان الذي ذهب منه عقله لأنه مجنون، من الذي يُثبت هذا العقل ومن الذي يحفظه؟ أكرم الأكرمين سبحانه وتعالى .

فكيف أشكر الله؟

أمرنا أن نصلي له خمس مرات في اليوم، ولم هذه الصلوات؟ شكراً لله على النعم الدائمة التي أعطاها لنا الله، والتي ملَّكها لنا الله جلَّ في عُلاه.

فهذه هي الطريقة السديدة التي ستجعل الولد يحافظ على الصلاة طلباً لمرضاة الله، ولكن أن أقول له لو لم تصلي فسوف ستدخل جهنم، وفى القبر سيأتيك الشجاع الأقرع، وفى النار سيفعلوا فيك كذا وكذا، فهذا الكلام أصبح الأولاد لا يلقون له بالاً، لكن أعرفه أولاً نعم الله عليه، وبعد ذلك أطلب منه أن يشكر واهب النعم لكى يزيده من هذه النعم:

{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ}

[ سورة إبراهيم : 7 ] .

من كتاب : فتاوى فوريَّة .

لفضيلة. الشيخ / فوزي محمد أبو زيد .